صانعة المسرح الذهبي
زازي حافظ
"أقدم مسرحيات مصرية أصلية، ومعظم القصص من تأليفي"
ـــــــــــــ
حديث أجرته ليلى سليم
المؤلفة والمخرجة "زازي حافظ" صانعة المسرح المصرية بدرجة امتياز. هي فعلاً امرأة غير عادية لأنها اختارت مهنة يهيمن عليها الرجال ، والتزمت ودرست حتى أسست مسرحها الخاص (المسرح الذهبي)، وأعطت له كل طاقتها ووقتها ومواردها الشخصية، لتصنع مسرحيات معاصرة تشعر معها بالمتعة والسعادة.
ما معنى صانعة مسرح؟
زازي حافظ: "صانع المسرح هو صاحب فرقة مسرحية يضع فيها أفكاره وآرائه، ويجب عليه التعامل مع النص وتوزيع الأدوار والموسيقى والكثير من المواقف التي عليه حلها. ولقب صانع المسرح له علاقة كبيرة بكونه استثنائي في قراءة الناس والتعامل معهم، والقدرة على الاحتفاظ بهم وعودتهم لمسرحه. والحمد لله كونت فرقة المسرح الذهبي للفنون المسرحية، وأول مسرحياتي كانت (الهلعوين) سنة 2015، والجمهور أحبها، وما زالت المسرحية تعرض حتى الآن".
أسستِ فرقة مسرحية وأصبحتِ صانعة مسرح ، كيف فعلتِ كل هذا؟
زازاي حافظ: "كنت طالبة في مدرسة دولية أمريكية، إلا أني كنت أجيد كتابة مواضيع التعبير باللغة العربية وببلاغة. وبدأت العمل مع والدي في شركته وأنا عندي عشر سنوات. فرق معي جدًا تعلم الشغل في هذه المرحلة، ووالدي علمني معنى تحمل المسئولية وتحويل الأفكار إلى شيء ملموس، كنت أصمم معه الأثاث المكتبي وأتابع المبيعات وأشرف على تنظيم المعارض، وهذه الخبرات أعطتني رؤية وتوازن لتحويل الأفكار لعمل ناجح".
وهل هذا يكفي لتكوني صانعة مسرح؟
زازي حافظ: "أكيد لا، لكن علاقتي بالمسرح بدأت وأنا في السادسة من عمري، عندما ذهبت مع عائلتي لمشاهدة مسرحية (الهمجي) للأستاذ الكبير محمد صبحي وكنا كلنا كمتفرجين في الصالة نتابع العرض ونحن لدينا نفس الشعور ونفس الحماس والضحك، وعرفت وقتها أنني أريد أن تخرج كل الحكايات والصور الموجودة في خيالي وأراها تبض بالحياة على خشبة المسرح".
وكيف تألقت روحك المسرحية؟
زازي حافظ: "أعتقد أني كنت مختلفة عن باقي الأطفال في سني لأني لم أكن أحب أفلام الكرتون مثلهم، وكنت أفضّل سماع الحكايات ومشاهدة أفلام أنور وجدي وفيروز، وفوازير شريهان باستعرضتها ورقصها وملابسها الأنيقة. ثم سافرت إلى لبنان وحضرت مسرح الرحبانية، واشتعل شغفي بالمسرح. أنا أقول إن روحي هي مزيج من تأثير الرسالة القوية لمحمد صحبي والصورة المبهرة للرحابنية والبنوتة الجميلة شيرهان".
وكيف تركتِ عمل والدك؟
زازي حافظ: "والدي كان معترض على دراسة المسرح وكان يفضل دراستي للبيزنيس، ولكن مدير المدرسة أقنع والدي أن يتركني أدرس الحاجة التي أحبها. وعندما دخلت الجامعة أخترت التخصص بدون علم أهلي، (تضحك زازي) وأخذت عقابي، وأشتغلت لفترة في الأوبرا مساعد تجهيزات فنية".
وهل تشعرين أن والدك كان على حق؟
زازي: "الحمد لله أنا محظوظة بوالدي وكبرت معه في الشغل وهو فنان ومصمم قبل أن يكون صاحب شركة، صحيح كان صعب علية في البداية تقبل دخولي المسرح، لكنه الآن يشجعني وأظنه فخور بما أقدمه. وزوجي معي دائمًا هو ووالدتي وأخوتي وأولادي وكل معارفي. أنا سعيدة بما وصلت له من نضج جعلني اختار ما هو دوري في الحياة".
 |
جائزة التميز في الإنتاج وجائزة التميز في التأليف المسرحي للمبدعة زازي حافظ |
هل المسرح يحتاج إلى الموهبة أم الدراسة؟
زازي: "لا يستطيع أي فنان عادي احتراف المسرح بسهولة، لهذا السبب درست المسرح بالجامعة الأمريكية، وأعددت نفسي جيدًا بعد التخرج وأخذت دروس في التطوير الذاتي وتأثير اللغة على برمجة المخ، والعلاج بالطاقة وتعمقت في التاريخ والتذوق الموسيقي والفنون التشكيلية وغيرهم. كل هذا الجو يجعل المسرح جزء من روتين الحياة لأي فنان حقيقي، ويُمكنه من الإبداع وتحمل الضغوطات لصنع عرض مسرحي جميل وحيوي، لأن العرض لازم يكون جاهز بنفس الأداء في كل يوم جديد".
ولماذا تخليتي عن تأليف الكتب؟
زازي: "لم اتخلى تمامًا، لكني تركت الفكرة مؤقتًا لأني بعد نشر كتابي الأول (زوجتك نفسي) وجدت أنني لا أساعد المجتمع بتقديم قصة تعرض مشكلة ولا تقدم حلول. وأنا أريد طرح فكرتي بشكل كامل. وبالنسبة لي المسرح هو فعلاً اللغة التي أستطيع التكلم بها، وهو لغتي للتفاعل مع الجمهور وتوصيل وجهة نظري بطريقة مباشرة يفهمها الناس".
ما سبب اختيارك مسرح الطفل؟
زازي حافظ: "مسرح الدولة لا يقدم صورة متطورة للأطفال، ولا مسرح القطاع الخاص الذي أعتبر معظمه تجاري. وأنا أكتب مسرحياتي للجيل الجديد وأريد تأسيسهم على قيم واضحة مثل الصدق ، العدالة ، الشجاعة وحل المشاكل بقصص منطقية وشخصيات مصرية أصلية بدل من القصص الممصرة وأفلام الكرتون الأجنبية".
وهل ممكن للمسرح أن يغير المجتمع؟
زازي: "عندي أمل أن يغير المسرح المجتمع لكن أريده أن يغير الطفل أولاً. لذا، أخذ الشخصيات التي لها تأثير مهم في الحضارة مصرية وأوظفها في حواديت تناسب وقتنا الحالي على سبيل المثال الشخصيات الشعبية مثل أٌمنا الغولة - النداهة - عروس المولد، وقدمت قصة "الأيام" لطه حسين - وشخصية علي مبارك والملوك والملكات في مصر القديمة والمسرحيات الموسيقية وغيرهم الكثير. أريد أن يعرف الأطفال أن هؤلاء الأبطال هم جزء أصيل منا، وأريد تشجيعهم على التفكير وفهم أن الكمال والقوة موجودة في مصر، أريد أن يكون لديهم ارتياح وفضول أكبر على التراث والهوية المصرية وأن مهمتهم الحفاظ عليهم"
كيف تعالجين النصوص المسرحية لتناسب الأطفال؟
زازاي حافظ: "أقدم مسرحيات مصرية أصلية ومعظم القصص هي من تأليفي، والصورة المسرحية تتكون في خيالي مع الفكرة ثم أكتب النص، وأعطيه لمسة شخصية تجعل المتفرج يشعر بكل كلمة وبالمؤثرات الصوتية مع تفاصيل الشخصيات، الإضاءة، الملابس، الاستعرض والديكور وتصميم المناظر. والحمد لله من أعظم لحظات حياتي وأنا أرى الجمهور مستمتع من بداية تعتيم الأضواء حتى النهاية وإسدال الستار".
المخرجة زازي حافظ مع أولادها والفنان الكبير محمد صبحي
برأيك لماذا عدد صَانعات المسرح قليل في مصر؟
زازي حافظ: "المسرح هو واجهة البلد، ولست الوحيدة التي صنعت مسرح في مصر. منيرة المهدية هي أول مصرية صنعت فرقة مسرحية بأسمها واكتشفت موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وقدمته في مسرحية كليوبترا وأنطونيو، ومعظم صانعات المسرح في مصر كانوا أما شاميات أو يهوديات. مصر بلد كبيرة وبها فنانين وفنانات في منتهي الروعة ولكن في العصر الحديث أنا لا أعلم إذا كان في صَانعات مسرح مصريات بمعنى الكلمة لكن على الأقل في مخرجات مسرح".
تضيف زازي: "صانعة المسرح عليها البحث عن أفضل طريقة تجعل بها عملها مثالي حتى في أصعب الظروف. وهذا يأخذ مجهود كبير، خصوصًا عندما نعرض في أماكن طبيعتها غير مناسبة للمسرح، ومعنا شاشات وإضاءة وأطفال ومعدات، وكل ما تفعله صانعة المسرح هو من أجل تحقيق ذاتها ونشر رسالة نور في المجتمع. أكيد المسرح يحتاج امرأة لديها طابع خاص وذوق مميز. والأهم، استمتعها بالعمل بشغف وحب".
ما هي النصيحة التي تقدميها للمرأة التي تدخل مجال يسيطر عليها الرجال؟
زازي حافظ: " أعرف أن الكثير من النساء تعيشن مآسي حقيقة في الحياة، ومنهم من تعمل وتربي أطفالها بمفردها، ومع ذلك النساء في مصر تواجه الكثير من الانتقادات والسلبيات. ولكن أقول لكل امرأة كوني قوية ولا تصدقي أنك ضحية ولا تخجلي أبدًا من شغلك وأسمعي صوتك الداخلي وإحساسك وخذي الطريق خطوة بخطوة ومع الإصرار تقدري توصلي لأحلامك وتتغلبي على كل التحديات".
ما هي خطواتك القادمة؟
زازي حافظ: "أريد أن أقدم الحدوتة المصرية على كل المسارح، لكن حاليًا أعتبر نفسي محظوظة لأني أعيش شغفي في كل جانب من جوانب عملي ككاتبة ومخرجة. أنا مستمتعة بكل لحظة أقضيها في المسرح الذهبي الذي أصبح كيان بحد ذاته يعمل بجانب العروض المسرحية على استضافة الأمسيات الأدبية وتعليم دراما التمثيل والإلقاء المسرحي".
تستحق زازاي حافظ كل التقدير والتحية على تفانيها وإبداعها في ترسيخ قيم وثقافة مصرية أصلية في قلوب الأجيال الجديدة.
 |
| المخرجة زازي حافظ مع النجمة القديرة شريهان |
