لماذا تتمسك بالنرجسي؟ 

رحلة مؤلمة نحو الفهم والتعافي

ـــــــــــ

بقلم: ليلى سليم

الانفصال عن النرجسي تجربة مؤلمة ومحيرة، وبعد انتهائها غالبًا ما تتساءل الضحية: "لماذا لم أدرك ذلك من قبل؟" أو "كيف تحملت كل هذا؟". الحقيقة هي أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل الشخص يستمر في علاقته مع نرجسي، حتى وإن كانت مؤلمة ومدمرة.

أسباب البقاء في علاقة مع نرجسي

• عدم التعرف على أعراض النرجسية المرضية: نحن مجرد بشر وبنا الكثيرمن العيوب والمميزات، وعلى الأغلب لا أنت لست على دراية بطبيعة الشخص النرجسي وتأثيره السلبي، مما يجعله غير قادر على تحديد سلوك النرجسي بشكل دقيق.
• عدم الرغبة في الاعتقاد بأن النرجسي لديه نوايا سيئة: قد يصعب عليك تقبل فكرة أن شريكك النرجسي يتعمد إيذاءك والتلاعب بك، فتفضل التمسك بالأمل في أن يكون سلوكه مجرد عيوب يمكن التغاضي عنها.
• الشعور بالذنب تجاه الشريك: قد تشعر بالذنب تجاه النرجسي، وتعتقد أنك مسؤول عن جعله يتصرف بهذه الطريقة السيئة. هذا الشعور بالذنب يجعلك تتردد في الانفصال وتحاول إصلاح العلاقة.
• الاعتقاد بأن المشكلة تكمن فيك أنت: قد تقتنع بأن المشكلة تكمن فيك أنت، وأنك غير كافٍ أو غير جدير بالحب والاحترام. هذا الاعتقاد يجعلك تتحمل الإساءة وتحاول تغيير نفسك لإرضاء النرجسي.
• التغاضي عن السلوكيات السيئة على أنها مجرد عيوب: إذا كنت تحب النرجسي وتتمسك به، فمن الطبيعي أن تتجاهل السلوكيات السيئة للنرجسي على أنها مجرد عيوب شخصية يمكن التعايش معها، وتأمل في أن تتغير الأمور مع مرور الوقت.
• الأمل في أن تكون هذه المرحلة مؤقتة وستنتهي: اعتقادك أن المرحلة الصعبة التي تمر بها في العلاقة هي مجرد مرحلة مؤقتة، وأن النرجسي سيتغير ويعود إلى طبيعته المحبة والمهتمة.
• الرغبة في إنجاح العلاقة مهما كانت الظروف: تمسكك بالأمل يعطي لك رغبة قوية في إنجاح العلاقة، وتعتقد أنك تستطيع تغيير النرجسي أو التكيف مع سلوكه.
• الاستمرار من أجل الأطفال: على الأغلب معظم ضحية النرجسي تفضل البقاء في العلاقة من أجل الأطفال، وتعتقد أن الانفصال سيؤثر سلبًا عليهم.
• لحظات السعادة المشتركة التي كانت موجودة: قد تكون هناك لحظات سعادة مشتركة في العلاقة، تجعلك تتمسك بالأمل في أن يعود النرجسي إلى تلك الأوقات الجميلة.

الصدمة النفسية بعد الانفصال عن النرجسي

الانفصال عن النرجسي يختلف عن أي انفصال آخر، فهو يترك آثارًا عميقة على الصحة النفسية والجسدية للشخص. يعود ذلك إلى عدة أسباب:

• الصدمة النفسية: العلاقة مع النرجسي تترك ندوبًا عميقة في النفس، وتؤدي إلى تآكل الثقة بالنفس والآخرين. ومن المعروف أن ضحية النرجسي تعاني الشخص من اضطراب ما بعد الصدمة، وتعيش في حالة دائمة من القلق والخوف والارتباك.
• التلاعب المستمر: حتى بعد الانفصال، قد يحاول النرجسي استعادة السيطرة عليك من خلال التلاعب بمشاعرك ، أو تشويه سمعتك، أو حتى التهديد. هذا يجعل عملية التعافي والانفصال الحقيقي أكثر صعوبة.
• الشعور بالذنب والمسؤولية: إحساسك العميق بالذنب والمسؤولية عن فشل العلاقة، وأنك كنت بإمكانك فعل شيء لتغيير النرجسي أو إنقاذ العلاقة. هذا الشعور بالذنب يعيق عملية التعافي ويطيل عمر الألم وكسرة القلب.
• صعوبة إعادة بناء الذات: بعد علاقة مع نرجسي، قد تجد صعوبة في إعادة بناء هويتك وثقتك بنفسك. قد تشعر بالضياع والارتباك، وتجد صعوبة في تحديد احتياجاتك ورغباتك الحقيقية.

الذكريات المؤلمة والمشاعر المكبوتة

التجارب القاسية مع النرجسي تبقى محفورة في الذاكرة وتظهر فجأة في صورة ذكريات أو مشاعر مكبوتة. قد يعود الشعور بالخوف أو القلق عند مواجهة مواقف مشابهة لتلك التي عاشتها في العلاقة، أو عند رؤية أماكن مرتبطة بالذكريات السلبية. أحيانًا تظهر هذه المشاعر حتى في الأحلام على هيئة كوابيس. وعلى الرغم من رغبتك في التحدث عن تجربتك المؤلمة، إلا أن استحضار هذه الذكريات يعيد إليك المشاعر السلبية، مما يدفعك إلى تجنب مواجهة تلك الأحاسيس والبحث عن بدائل لتخفيف الألم مثل الانغماس في العمل أو البحث عن علاقات جديدة أو حتى اللجوء إلى الكحول أو المخدرات.

كيف تنسى النرجسي؟

مهما كانت الأسباب التي دفعتك للبقاء في علاقة مع نرجسي، فإن النظر إلى الوراء لن يساعد في التعافي. يجب عليك تقبل مشاعرك غير المعالجة كما هي والعمل على مسامحة نفسك والشخص الذي تسبب في ألمك. بهذه الطريقة فقط يمكنك التحرر من الماضي والبدء في نسيان النرجسي.

الخطوات الأساسية للتعافي:

التعافي رحلة طويلة، ولكنها ممكنة. لا تيأس إذا واجهت انتكاسات أو شعرت بالإحباط في بعض الأحيان. تذكر أنك لست وحدك، وأن هناك العديد من الأشخاص الذين مروا بتجارب مماثلة وتمكنوا من التعافي والعيش حياة سعيدة ومرضية.