كيف تحول العلاقة السامة إلى علاقة صحية؟

العلاقات السامة: كيف تتعرف عليها وكيف تصلحها؟

ــــــــــ
بقلم: ليلى سليم


رجل يجلس في كافية ويمسك موبايل
  الحب والاحترام هما أساس أي علاقة صحية


هل تساءلت يومًا لماذا بعض العلاقات تعيش وتستمر بينما علاقات أخرى تنكسر بسرعة أو تكون مشحونة بالصراع والخلافات الدائمة؟ السر في دينامكية العلاقة أو ترابط العلاقة وأسلوب التفاعل فيها وأساليب تواصلنا، وطريقة حل الخلافات.

سواء كنت في مرحلة شهر العسل أو في علاقة طويلة الأمد، فإن فهم ديناميكيات العلاقات يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا. من خلال التعرف على هذه الديناميكيات وتحسينها، يمكنك بناء علاقة قوية ومرضية جدًا.

ما هو الفرق بين العلاقة السامة والعلاقة الصحية؟

لكل علاقة طريقة تفاعل وارتباط خاص بها يجعلها فريدة ومميزة، سواء كانت علاقة داعمة أو طموحة أو هادئة أو مفعمة بالحيوية.
وقبل أي شيء دعني أوضح لك كيف تختلف العلاقات السامة عن العلاقات الصحية اختلافًا كبيرًا في طريقة تأثيرها على الشركاء. إليك بعض الفروق الرئيسية:

ما هي العلاقة السامة؟

العلاقة السامة هي علاقة تسبب لك الأذى النفسي أو العاطفي أو حتى الجسدي، وتشعرك بعدم الارتياح والتعاسة بدلًا من الحب والدعم، وبالتالي فهي:

  • تستنزف طاقتك: تشعرك بالتعب والإرهاق النفسي والجسدي، وتقلل من ثقتك بنفسك.
  • تعتمد على السيطرة والتلاعب: يحاول أحد الطرفين أو كلاهما السيطرة على الآخر والتلاعب به، سواء بالتهديد أو الإ guilt-tripping أو العقاب العاطفي.
  • تفتقر إلى الاحترام: لا يوجد احترام متبادل بين الطرفين، وقد يتضمن ذلك الإهانة أو التقليل من الشأن أو انتهاك الحدود الشخصية.
  • تشعر بالوحدة: تشعر فيها بالوحدة الشديدة  حتى وأنت مع الشريك، لأن لا يوجد تواصل حقيقي أو تفاهم بينكما.
  • تؤثر سلبًا على صحتك النفسية: قد تؤدي إلى الاكتئاب أو القلق أو مشاكل الصحة العقلية الأخرى.
  • تعيق نموك الشخصي: تمنعك من التطور والتقدم في حياتك، وتجعلك تشعر بالحصار.


ما هو شكل العلاقة الصحية؟

  • تدعمك وتشعرك بالأمان: تشعرك بالراحة والطمأنينة والثقة، وتدعمك في تحقيق أهدافك.
  • تعتمد على الاحترام المتبادل: يحترم كل طرف الآخر وآراءه ومشاعره وحدوده الشخصية.
  • تشجع على التواصل الصحي: يوجد تواصل مفتوح وصادق بين الطرفين، ويتم التعبير عن المشاعر والاحتياجات بكل وضوح.
  • تعزز نموك الشخصي: تشجعك على التطور والتقدم في حياتك، وتدعمك في تحقيق أهدافك.
  • تشعر بالسعادة والرضا: تضيف إلى حياتك السعادة والرضا وتجعلك تشعر بالامتنان.


باختصار، العلاقات الصحية تبنى على الاحترام والتواصل والدعم المتبادل، بينما العلاقات السامة تبنى على السيطرة والتلاعب وانعدام الاحترام.


إذًا، ما هي دينامكيات العلاقات السامة؟

كل علاقة تعتمد على عناصر مهمة مثل طريقة التواصل، والتعامل مع المشاكل، وإظهار المودة، وتقديم الدعم. وهذه العناصر في غاية الأهمية، لأنها تؤثر على جميع جوانب العلاقة، بداية من التفاعلات اليومية وحتى التوافق والترابط على المدى الطويل.

من منطلق علم النفس، تتأثر العلاقات بعوامل مختلفة مثل التعلق، وصفات الشخصية، والتجارب السابقة. على سبيل المثال، تفسر نظرية التعلق في علم النفس كيف تشكلت طريقتنا في تكوين علاقات في وقت مبكر عندما كنا نتعامل مع الأب والأم أو من قام برعايتك والطريقة التي كنت تتعامل بها وأنت صغير هي ما تؤثر بعد ذلك على سلوكك في العلاقات.

يساعدك فهم هذا الجانب النفسي منك على تحديد سبب وجود طريقة معينة تتعامل بها وإذا كان عليك تغيير هذا الجانب إذا كان يؤثر على حياتك. من خلال التعرف على هذه الجوانب أو ما يعرف بأسم دينامكيات العلاقات، يمكنك العمل على بناء علاقة أكثر صحة ومرضية بالنسبة لك إلى نهاية العمر.

كيف تعرف دينامكية العلاقة السامة التي أنت فيها؟

إذا لم تكن متأكد من نوع ديناميكيات العلاقة التي تتعامل معها أو اي الطرق التي تستخدمها في العلاقة والتي باعتقادك أن عند استخدام هذه الطريقة سوف تنجح العلاقة، ومع ذلك علاقاتك دائمًا فاشلة. 

فمن المهم التعرف على أنواع العلاقات السامة. يمكن أن يساعدك التعرف على طبيعة العلاقة السامة على معالجتها وتغييرها قبل أن تسبب ضرر دائم وجرح عميق في نفسك. كتبت لك هنا 8 نماذج من العلاقات السامة الشائعة وأنت وحدك الذي يقرر إذا كانت تصرفاتك أو تصرفات شريك حياتك تقع تحت أي جانب:


① 
إذا كنت أنت الشخص العدواني أو المستسلم: 
 في هذه العلاقة السامة، يميل أحد الشريكين إلى أن يكون مفرط في العدوانية، بينما يستسلم الشريك الآخر باستمرار لتجنب الصراع. في هذه العلاقة يستخدم الشريك العدواني الترهيب أو التهديدات أو الإساءة اللفظية لفرض السيطرة. غالبًا ما يضحي الطرف المستسلم باحتياجاته ومشاعره للحفاظ على السلام والهدوء في العلاقة.

② الشريك النشط و الشريك السلبي: 
هنا، يأخذ أحد الشريكين زمام المبادرة دائمًا، ويتخذ القرارات، ويدفع العلاقة إلى الأمام، بينما يبقى الشريك الآخر سلبي، ويوافق على أي شيء يقرر. يمكن أن يؤدي ذلك إلى الاعتمادية حيث يفقد الشريك السلبي شعوره بالفردية ويشعر الشريك النشط بأنه مثقل بكافة المسؤوليات.

③ التنافس والسيطرة: 
هذه الطريقة هي معركة مستمرة للسيطرة. يحاول كلا الشريكين دائمًا التغلب على بعضهما البعض، مما يؤدي إلى صراعات قوة متكررة.

④ الاعتمادية واللامبالاة: 
في هذه العلاقة، يسعى أحد الشريكين دائمًا إلى الحصول على الطمأنينة والدعم العاطفي، ويحتاج باستمرار إلى تصديق الشريك الآخر ليشعر بالأمان. ومع ذلك، يبدو الشريك الآخر مبتعد عاطفيًا وغالبًا ما ينفصل عن هذه التفاعلات.

⑤ الشريك الغيور والشريك التملك: 
تجد نفسك تتحقق باستمرار من هاتف شريكك، وتريد معرفة مكان تواجده ومن هو معه في جميع الأوقات. يصبح شريكك محبط بشكل كبير من مطالبك وأسئلتك المستمرة. تتميز هذه العلاقة السامة بالغيرة المفرطة والتملك مِن أحد الشريكين أو كليهما، مما يؤدي إلى الشعور المستمر  بأنك بحاجة إلى التأكد من تصرفات شريك وإلى مراقبته واختباره وقد يكون نفس السلوك عند الطرف الثاني وهكذا تصبح العلاقة سامة جدًا.

⑥ علاقة الشريك المنتقد والشريك المدافع: 
عندما ينتقد أحد الشريكين بشكل متكرر أو يقلل من شأن الطرف  الآخر، الذي يتحول إلى شحص دفاعي ومع الوقت يقرر قفل التواصل.

⑦ الشريك الانطوائي والشريك المتشبث: 

إذا كنت تتوقع أن يكون شريكك معك على مدار الساعة بينما هو يتوق إلى بعض المساحة الشخصية، فقد تجدون أنفسكم عالقين في علاقة ديناميكية صعبة. يؤدي هذا الوضع، حيث يكون أحد الشريكين متمسك بشكل مفرط ويائس ويريد التواصل مع الشريك طوال الوقت، بينما ينسحب الشريك الآخر ويتجنب العلاقة الحميمة العاطفية، إلى تأثير الدفع والجذب. مع الوقت ينسحب الشريك المنطوي أكثر ردًا على التشبث، مما يؤدي إلى دورة حيث يشعر فيها كلا الشريكين بعدم الرضا.

⑧ علاقة الضحية والمتنمر: 

يتبنى أحد الشريكين عقلية الضحية، ويشعر دائمًا بالظلم أو سوء المعاملة، بينما يتصرّف الشريك الآخر كمتنمر، باستخدام اللوم والعدوان لفرض السيطرة. تشعر الضحية بعدم القدرة، ويبرر المتنمر سلوكه كرد فعل على نقاط الضعف المتصورة للضحية، مما يخلق بيئة سامة.


هل يمكن للعلاقة السامة أن تتغير؟

لا تقلق إذا كانت ديناميكيات علاقتك لا تبدو صحية تماما، فلم يفت الأوان أبدًا لإجراء تغييرات إيجابية لأن إذا اتبعت بعض التغيرات تستطيع تحويل العلاقة السامة إلى صحية. إليك بعض النصائح التي تساعدك على تحسين علاقاتك لتكون أكثر صحة:

  • الاستماع الفعال: 
يعني الاستماع الفعال أن تهتم بالكامل بشريكك عندما يتحدث، دون مقاطعة أو تخطيط لردك أثناء تحدثه.

  • استخدام عبارات تبدأ بكلمة "أنا":
عبر عن نفسك جيدًا ولكن بدون لوم أو التكلم يظهر أنك شخص أناني، لكن استخدم عبارات "أنا أشعر أو أنا فهمت" بدل من كلمة "أنت فعلت أوأنت قلت" لتجنب أن يبدو كلامك اتهام وعتاب أو استجواب.

  • اجتماع العلاقة: 
عليك بالجلوس مع شريك حياتك بشكل منتظم  لمناقشة علاقتكما بصراحة وصدق فهذا يساعد في معالجة القضايا مبكرًا.

  • الوعي الذاتي والتعاطف: 
حاول دائما تحليل مشاعرك لتفهم نفسك وعواطفك ومحفزاتك وسلوكياتك، وهذا مايسمى تنمية الوعي الذاتي.

  • التعرف على العواطف وإدارتها بفعالية: 
المقصود هنا هو أن تتعلم كيف تتحكم في مشاعرك للتتواصل بشكل أفضل مع شريكك.

  • الرد المناسب بدل من الاندفاع ورمي الكلام الجارح: 
لا تجعل مشاعرك تتحكم في أفكارك وتجعلك تعطي رد فعل بشكل مندفع على المواقف، خذ لحظة للتفكير حتى لا تخسر شريك حياتك في لحظة طائشة.

  • معالجة المشاكل بسرعة وهدوء: 
لا تترك الأمور للزمن والأفضل عند ظهور المشاكل، عالجها بسرعة بدلًا من تركها تتفاقم.

  • التركيز على المشكلة، وليس على الشخص: 
عند مناقشة الخلافات، ركز على المشكلة والسلوك الذي لا يعجبك ولا تهاجم شخصية شريكك.

  • البحث عن حلول مرضية وأرضية مشتركة: 
في أي علاقة، يكون الإتفاق والتواصل إلى أرضية وسط حيث يشعر كلا الشريكين بالرضا أمر ضروري لتستمر العلاقة.

  • أظهر قدرتك على التأثر والانفتاح: 
يمكن أن يعمق الانفتاح وقابلية التأثر برأي شريكك على علاقتكما العاطفية.

  • الأنشطة المشتركة: 
تعزز الأنشطة والخروجات الترابط وقوة العمل الجماعي وتكوين فريق، مثل الطهي معًا أو أخذ فصل دراسي في حرفة أو لغة جديدة أو التدريبات الرياضية المشتركة.

تذكر أن، كل علاقة لديها إمكانية للنمو والتحسن ولكن بالجهد المشترك، وبالتركيز على خلق علاقة إيجابية، يمكنك أنت وشريكك بناء علاقة قوية مليئة بالحب تستطيع أن تصمد أمام اختبار الزمن. 

أقرأ أيضًا على موقع لارسا:

google-playkhamsatmostaqltradent