الكاتبة والإعلامية وفاء ماهر
في حوار حصري: رحلة إبداع بين الأدب والإعلام
ــــــــــــ
الكاتبة والإعلامية المصرية وفاء ماهر هي صوت نسائي متميز، يحاكي عوالم المرأة بجرأة وإبداع، كاسرة قيود الأعراف الراسخة، لتقدم لنا قصص أدبية نابضة بالحياة، تلامس مشاعر المرأة المعاصرة وتجاربها بصدق وواقعية.
في هذه المقابلة، نستكشف رحلة وفاء ماهر الإبداعية، ونلقي الضوء على أفكارها حول مواضيع مختلفة، كالحب، والخوف والسعادة، والجمال والذكاء، لنرسم في النهاية صورة متكاملة لهذه الكاتبة المتمردة.
كتابك الأخير "جوايا 100 أنا"، ما الذي جعله كتاب مميز وغير عادي؟
وفاء ماهر: "في الكتاب حاولت أن أوضح أن كل إنسان بداخله مزيج معقد من الصفات والأفكار والمشاعر، وأن ما يبدو صفة أساسية لشخص قد لا يظهر في جميع المواقف أو الظروف، مثلا الشخص الذي نصفه بأنه ضعيف هو في الحقيقة بداخله شجاعة تظهر عندما يدافع عن مبدأ يؤمن به، وقد نكون مرحين ومتفائلين في بعض المواقف، ومكتئبين في مواقف أخرى. لذا، لا يمكن أن نحصر أنفسنا بصفة واحدة. نحن جميعًا بداخلنا شخصيات تتفاعل مع بعضها البعض وتعطي لكل منا شخصيته الفريدة"
هل انعكست تجاربك الشخصية في كتاباتك؟
وفاء: "المشاعر لها تأثير عميق على حياتنا، فالحب قد يجلب معه السعادة، ولكنه قد يثير أيضًا الخوف من الفقدان، وقد تكون السعادة نفسها ممزوجة بمشاعر الحسد. أردت من خلال الكتاب أن أعبّر عن هذه التداخلات بصدق وواقعية، وأن ألامس تجارب الناس بصدق حقيقي"
من حفل توقيع كتاب (جوايا 100 أنا) - تقول الأعلامية وفاء ماهر "في كتابي الأخير (جوايا 100 أنا) اريد اثبات ان بداخلنا آنات كثيرة ولا يوجود شخص جريء وشخص مؤدب لكن نحن نظهر شخصيتنا الاخرى على حسب المواقف" |
كيف تمزجينَ بين عملك كـ كاتبة وإعلامية؟ وهل تفضلين أسلوب معين في الكتابة؟
وفاء ماهر: " أرى أن هناك تكامل بين العمل في مجال الكتابة والإعلام، فكلاهما يعتمد على قدرة التواصل مع الجمهور بشكل مؤثر، وأحب الأسلوب المريح والجميل، لذا لا أحب الكتابة فقط باللغة العربية الفصحى وأميل إلى استخدام اللغة العامية في كتاباتي لأنها تجعلني أعبر عن مشاعر وأفكار الشخصيات بطريقة واقعية وتلقائية، وهي تقربني أكثر من القراء وحياتهم اليومية. أفضل الكتابة عن المواضيع الاجتماعية التي تهم الناس، وأحاول أن أتناول القضايا التي يعيشها المجتمع بطريقة صريحة."
كتابك "حكايات امرأة أربعينية" أثار العديد من النقاشات، فما الرسالة التي أردت توجيهها من خلاله؟
وفاء: "حكايات امرأة أربعينية هو أول كتاب لي، 12 قصة حقيقية من واقع الحياة عن نساء في عمر يعتقده البعض أنه النهاية، وأردت من خلاله أن أغير النظرة النمطيةَ للمرأة في عمر الأربعين، وأن أؤكد أنها لا تزال في قمة عطائها وشبابها. فالمرأة في هذا العمر تتمتع بخبرة حياتية ونضج فكري يمكنها من بناء حياة جديدة مليئة بالتحديات والإنجازات، سواء على المستوى الشخصي أو العملي."
في كتاب (رغي الستات) تكلمت الإعلامية وفاء ماهر عن أمور شائكة جداً تهم المرأة مثل هل الفتاة تأخذ الشقة أم الرجل من حقه الشقة وخاطبت القانون أن يكون منصف للأثنين |
في نظرك، ما هي أهم الصفات التي يجب أن تتمتع بها المرأة في عصرنا الحالي؟
برأيك الجمال والذكاء: أيهما أهم للمرأة؟
وفاء: "من الظلم حصر المرأة في إطار واحد، فهي بطبيعتها جميلة وذكية. فالمرأة الذكية تدرك أهمية الاهتمام بمظهرها الخارجي، وتؤمن بقدراتها وتطور شخصيتها. لهذا أرى إن المرأة الواثقة من نفسها هي التي تشعّ جمالًا."
"أحب المرأة التي ترتدي ملابس مودرن وحديثة وتليق عليها"، هذا ما ذكرته لي قبل تسجيل اللقاء. هل ترين أنَّ الاهتمام بالموضة أمر ضروري للمرأة؟
وفاء ماهر: "بالتأكيد، المظهر الخارجي يعكس ثقة المرأة بنفسها ويساعدها على الشعور بالرضا عن ذاتها. لا يجب أن نقيم المرأة بناء على مظهرها الخارجي فقط، بل يجب أن نقدر ذكاءها وقوتها وكرم أخلاقها أيضًا. أنا شخصيًا أحب الموضة والألوان، وأفضل اللونين الأسود والبرتقالي لأني أجدهم يعبران عن شخصيتي بشكل كبير."
ما هو سر جرأتك في الكتابة عن المواضيع الاجتماعية الحساسة؟
وفاء ماهر: "أكتب ما يمليه علي ضميري، وما أؤمن به من قضايا تهم المرأة والمجتمع. لا أخشى اللوم أو الانتقاد، لأنني أؤمن بأن الكتابة رسالة ومسؤولية، ولا أكتب لإرضاء أحد أو لكسب الشهرة، لكن لدي رغبة قوية في أن أؤثر في نفوس القراء وأن أساهم في تغيير بعض المفاهيم الخاطئة. أعرف أن بعض المواضيع قد تكون مثيرة للجدل، لكنني أؤمن بأن الحوار والمناقشة هما السبيل للتغيير."
كيف أثرت قراءاتك الأدبية على أسلوبك في الكتابة؟
وفاء ماهر:" "أنا شخصيًا تأثرت بكتاب الجيل القديم مثل إحسان عبد القدوس ويوسف إدريس ونجیب محفوظ، فهؤلاء العمالقة أثروا في بأسلوبهم الواقعي الذي يلامس هموم الناس ويعبر عن مشاعرهم بصدق. كما أنني أحب قراءة القصص القصيرة والروايات القصيرة فهي تعلمني كيف أعبر عن الأفكار الكبيرة بكلمات قليلة ودقيقة، وعندي شغف كبير بكتب علم النفس، وآخر كتاب لي اعتبره فلسفي لكن كتبي الأخرى تعتبر قصص حقيقية."
كيف تختارين موضوعات كتبك؟
وفاء: "عادةً ما أضع اسم الكتاب أولاً، ثم أبدأ في الكتابة. تأتي الفكرة عادة من الاسم، وبعدها أفكر في طريقة تقديمها بحيث تجذب اهتمام الناس. أحب أن أكتب عن موضوعات حقيقية ومؤثرة، وأهدف دائماً إلى تقديم شيء يمكن أن يستفيد منه القارئ."
كيف توفقين بين عملك ككاتبة وإعلامية وبين حياتك الشخصية؟
وفاء ماهر (تبتسم): "التوفيق بين العمل والحياة الشخصية هو تحدي كبير، لكنه ممكن بالتنظيم الجيد وتحديد الأولويات. أحرص دائمًا على تخصيص وقت كافي لعائلتي وأصدقائي، أكتب حسب حالتي المزاجية، فأحيانًا أكتب لمدة نصف ساعة فقط، وأحيانا أخرى أقضي اليوم كله في الكتابة. ويستغرق إنجاز كتاب واحد مني حوالي ستة أشهر، منذ بداية تشكل الفكرة وحتى النهاية وترتيب الأحداث والمواضيع وأحيانا ألغي ما كتبته وأبدا الكتابة من جديد وهكذا."
الإعلامية وفاء ماهر مع ابنها الفنان محمد أحمد ماهر |
ما هي النصيحة التي تقدمينها للإعلاميين والكتاب الجدد؟
وفاء ماهر: "أنصح الإعلاميين بالصدق والموضوعية عند معالجة القضايا التي تهمّ الناس، وأنصح الكتّاب الجدد بمواكبة العصر والكتابة عن المواضيع الحالية، والاهتمام بعنوان الكتاب، فهو يمثل واجهة لفكرته ويجذب القرّاء، (تضحك وفاء) أنا شخصيا لا أقرا كتاب لا يشدني أسمه."
ما هو رأيك في القيود التي يفرضها المجتمع على المرأة؟ وكيف يمكن للمرأة أن تتغلب على هذه القيود؟
ما هي رسالتك للمرأة المصرية؟
وفاء ماهر: "أقول للمرأة المصرية اقرئي الكثير من الكتب، حتى لو كنتِ لا تحبين القراءة. حاولي دائماً تطوير نفسك، واهتمي بنفسك نفسياً وجسدياً. لا تستسلمي للإحباط أو الاكتئاب، وضعي دائماً شيئاً جديداً في حياتك. اعملي على خلق مساحة خاصة بك لتستطيعي مواجهة التحديات."
وفاء ماهر: "أحب أن أعيش كل لحظة كما هي. كنت أخاف كثيراً من المستقبل، لكنني الآن أعيش يومي ساعة بساعة ويوم بيوم وأترك الغد لله. أرى نفسي امرأة قوية، وأعتبر أن سر قوتي يأتي من الله وثقتي بنفسي على عكس السابق، فلم أعد أسمح لنفسي بالتعرض للضغط."
هذه المقابلة تعكس فلسفة وفاء ماهر الحياتية والكتابية، وتعبر عن أفكارها وتجاربها الشخصية بشكل صادق وعميق، مما يجعلها مصدر إلهام للنساء والقراء بشكل عام.